من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
حاجة البشر إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
100740 مشاهدة
معنى قوله: وذلك أضعف الإيمان

وسئل الشيخ أطال الله بقاءه ونفع به الإسلام: يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم- من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم
فهل المقصود أنه مجرد ما يرى الشخص المنكر يغيره بيده مباشرة؟ وما المقصود بقوله: وذلك أضعف الإيمان ؟
فأجاب: لا شك أن الحديث يدل على وجوب تغيير المنكر، ولكنه ذكر أن الناس على مراتب: فمن الناس من يكون معه قدرة وسلطة يستطيع أن يغير المنكر بيده، فيكسر آلات اللهو ويزيلها مثلا، وكذلك يقيم من هو جالس في أوقات الصلوات، ويغلق المتاجر التي تفتح في أوقات الصلوات.
وهكذا أيضا يرد كل عاص عن معصيته، فهذا إذا كان له هذه القدرة، وجب عليه التغيير باليد، لكن يكون ذلك بالتي هي أحسن، لا بالشدة والعنف، التي تكون منفرة، أو موقعة لأولئك الذين يغير عليهم في إساءة الظن بهؤلاء الدعاة، وهؤلاء المغيرين.
فإن أدى ذلك إلى إساءة الظن بهم، وإلى رميهم مثلا بالتسرع، أو بالشدة، أو بالعنف، أو ما أشبه ذلك، انتقل الأصل إلى التغيير باللسان، فالتغيير باللسان يكون بالنصح وبالتوجيه، وبالتحذير وبالتخويف.
فإذا خاف على نفسه أنه إذا تكلم ظلم وضرب، واضطهد وأذل، وأهينت كرامته، ولا يقبل منه، ولا ينتفع بقوله، بل يزيد كلامه في عتوهم، وفي ظلمهم، وفي قسوتهم، وفي معصيتهم، فيقال في هذه الحال: له أن يقتصر على أضعف الإيمان، وهو الإنكار بالقلب.
والإنكار بالقلب يستلزم هجر أولئك العصاة، والبعد عنهم ومقتهم، والتحذير منهم، وتحقير شأنهم، وبيان خطئهم لغيرهم، فإذا أنكر ذلك وابتعد عنه ثبت بذلك أنه ممن أنكره بقلبه.
وقوله -صلى الله عليه وسلم- وذلك أضعف الإيمان معناه: أن من لم يكن معه هذا الإنكار بالقلب؛ بل رضي وسالم، وأنس واستحسن، أو ظهر منه الاستحسان؛ فإن ذلك يدل على اضمحلال الإيمان في قلبه، ولهذا في حديث ابن مسعود الآخر أنه -صلى الله عليه وسلم- لما ذكر بعض العصاة الذين يفعلون بعض المعاصي أو لا ينكرونها قال: فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل . أي من لم يكن معه كراهية بقلبه لهؤلاء، وإنكار لما هم عليه فليس في قلبه إيمان، والله أعلم.